Header Ads

الماء ـ "ذهب سائل" في طريقه إلى النفاد


بقاؤنا في الحياة رهن بالماء. وحتى لو أن أكثر من 70 في المائة من مساحة الأرض مغطاة بالماء، فهذا لا يعني بأنه متوفر بكثرة. فمن بين 1.4 مليار كيلومتر مكعب من مياه الأرض تبقى فقط 2.5 في المائة صالحة للشرب. ومن بين كميات احتياطي المياه العذبة العالمية نجد فقط 0.3 في المائة منها متوفرة بسهولة نسبية في أنهار وبحيرات.
منذ 1950 ارتفعت الاحتياجات العالمية للماء بنحو 40 في المائة. ومع تنامي عدد السكان سترتفع أيضا هذه النسبة. وبسبب الإفراط في الاستعمال والتلوث تتقلص كميات احتياطي المياه العذبة. والبلدان الواقعة جنوب خط الاستواء هي التي تعاني أكثر من النقص في المياه.
وحتى في بلدان مثل البرازيل التي يشقها نهر الأمازون أطول نهر في العالم للمياه العذبة يُسجل شح في المياه. فعملية قلع الأشجار المتواصلة في الغابة الاستوائية تعمل على تغيير المناخ في قارة أمريكا الجنوبية، الأمر الذي يتسبب في تراجع التساقطات المطرية في البلاد.
في عام 2015 أدى شح الأمطار إلى أخطر جفاف في البرازيل خلال السنوات الـ 80 الأخيرة. فطوال الصيف لم تنزل ولو قطرة واحدة من السماء. ونفدت خزانات مياه كبيرة، وواجه الناس في ساوباولو انقطاعا يوميا في الماء، فيما استمر تزويد بساتين الفواكه الكبيرة بالمياه.
في أوروبا أيضا تطرح زراعة ما يسمى النباتات المستهلكة للمياه إشكالية. وهذا يطال بوجه خاص إسبانيا حيث يتم على مساحة نحو 30.000 هكتار من الأراضي إنتاج الفواكه والخضروات لأوروبا. ويلجأ المزارعون باستمرار إلى حفر آبار بصفة غير شرعية لاستخراج الماء، الأمر الذي يؤدي إلى جفاف تلك الآبار أو تملحها.
عملية إنتاج لحوم البقر تستنزف كميات أكبر من المياه. فمن أجل الحصول على كيلوغرام واحد من اللحم يتم صرف أكثر من 15 لتر من الماء، يستهلك الجزء الأكبر منها في إنتاج العلف. وتزامنا مع تحسن مستوى المعيشة في بلدان مثل الصين، يُتوقع أن يزداد استهلاك اللحوم الأمر الذي سيؤدي من جانبه إلى ارتفاع استهلاك المياه في السنوات المقبلة.
وتواجه الصين، التي يعيش فيها أكبر عدد من السكان في العالم حاليا ما يكفي من المشاكل في التزود "بالذهب السائل". ففي بعض المحافظات في شمال الصين يتوفر السكان على كمية أقل من الماء للفرد الواحد مقارنة مع المناطق الصحراوية في الشرق الأوسط. ولذلك تلجأ السلطات هناك عبر قنوات ضخمة إلى تحويل المياه العذبة من الجنوب إلى الشمال، علما أن نحو 80 في المائة من مجموع المياه الجوفية ملوثة.
نظرة إلى المستقبل لا تبعث على الأمل: فبسبب تغيرات المناخ سيعاني 40 في المائة أكثر من سكان العالم من شح الماء. هذا ما توصل إليه معهد بوتسدام الألماني لبحوث تقلبات المناخ. وسيزداد تقلص كميات المياه لاسيما في جنوب الصين وجنوب الولايات المتحدة الأمريكية والشرق الأوسط ومنطقة البحر المتوسط.

ليست هناك تعليقات